القرآن يكفى  

اجماع الأمة

حديث صحيح

تساوى الموازين

رجال الاعراف

أنواع الشرك

التشريع الإسلامى

كتب التفاسير

حفظ الذكر

الوحى الحق 

طاعه الرسول

ما نزل الله

الهوى التشريعى

الزكاة

حقيقة الشفاعة

نفى الشفاعة

استثناء نفى الشفاعة

الشفاعة فى الزمر

نفى رؤية الله

ملة أبراهيم

نورانية الرسول

زواج الكتابيات

المنسوخ فى القرآن

الانتفاع بعمل الغير

الحجاب أم النقاب
مقالات د/على طه:
عروج الرسول
غير الله حكما
المنسوخ والناسخ
العفو عن الذنب
   
   
كتب قيمة:

الشفاعة

ا.د/على طه

 راسلنا
قيم هذا الموقع
حمل المصحف
   
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
معنى الشورى

 

 

 

 

 

 

Hit Counter

الشفاعة | استثناء نفى الشفاعة | نفى الشفاعة | الشفاعة فى الزمر

 الشفاعة

لعل البعض يتسائل عن سبب هذه الدرجة من الأهمية التى نعطيها لقضية الشفاعة، ويتصور البعض أن هذه القضية من الأمور التى يمكن أن يتركها المسلم معلقة بغير حسم فلا يعنيه نفيها أو اقرارها، والحقيقة ان مستوى وكيفية تناول القرآن لقضية الشفاعة يضع لها درجة عالية من الأولوية والأهمية فى عقيدة المسلمين، لأن تصور المسلم أن رحمة الله يوم القيامة معلقة على شفاعة بشر هو الرسول يعنى اتخاذ الرسول وسيطاً بين العبد وربه حتى تتحقق رحمة يوم القيامة ودخول الجنة وهى نفسها قضية الزلفى التى نفاها الله لأن أى وسيط بين العبد وربه هو شريك من زعم البشر والمؤمن يجب أن تكون عبادته لله خالصة بدون أولياء يتوسطون لهم لدى الله، أيا كان شكل هذه الوساطة، سواء فى الدنيا أو فى الآخرة:

{ إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ {2} أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ {3  سورة الزمر

إذا حكم الله على العباد سواء بالجنة أو بالنار فلا مبدل لحكمه و لا يمكن تغيير هذا الحكم لأن الله لا يحكم على العباد بظلم لذلك فهو لا يحتاج لمراجعة بشرية على حكمه و لا أحد يملك حق التعقيب على حكم الله.

 {  قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ {28} مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ {29} يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ {30}ق

إن تصور وجود شفيع يلتمس لدى الله تغير حكمه سبحانه بعذاب النار على العباد يعنى إضافة علم عن أعمال العباد إلى الله كان خافياً على جلاله، و يعنى أن هذا الشفيع أشد رحمة من الله على عباده، و يعنى أن هذا الشفيع أشد عدلاً من الله و أن الله قد ظلم عباده، و أن هذا الشفيع يحاول تصحيح خطأ فى حكم الله، تعالى الله عن هذا علواً كبيراً.

فحكم الله على العباد قد تم يوم القيامة بالصدق والعدل ولا يمكن لأى عبد تبديل هذا الحكم؛

{ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {115 الأنعام

وقاعدة عدم جواز تعقيب أى كائن على حكم الله على العباد يوم القيامة، تنطبق أيضاً  على الرسول صلى الله عليه وسلم، والذى تتوقف وظيفته على البلاغ فقط، أما الحساب فهو من اختصاصات رب العالمين؛

 {وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {41 الرعد

{ سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ {10} لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ {11}الرعد

فلا يمكن لأى كائن تغيير سوءاً أراده الله بأحد.

{ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا {26الكهف

الله الذى يعلم الغيب أعلم بعباده- سواء كانوا أحياء أو أموات-  أعلم بهم من الأولياء المزعومين، والله أسمع وأبصر بعباده الأحياء أو الموتى من الشفعاء المزعومين و هو لا يشرك فى حكمه على العباد أحد من الشفعاء المزعومين.

مالك يوم الدين

{ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {14}

الله وحده مالك السموات والأرض لا يشاركه فى هذا الملك أحد عباده لذلك فهو وحده سبحانه الذى يملك مشيئة العفو أو التعذيب تبعاً لإرادته وحده لا يشاركه فى ذلك أحد عباده.

وهو ما يبين لنا معنى ملك يوم القيامة لله الواحد القهار، أى أنه لا حد من العباد ينازعه سبحانه ملك هذا اليوم بالتدخل فى قرار العفو أو التعذيب، لأنه أمر متعلق بملك الله الذى لا ينازعه فيه أحد.

{ يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ {16} غافر

وهو نفس المعنى الذى نردده سبع عشر مرة فى صلواتنا كل يوم لعلنا نعلم أن الله وحده"مالك يوم الدين"

صرح أحد أكبر الشخصيات الإسلامية البارزة فى دولة اسلامية كبيرة بأن الرسول محمد ص هو الملاذ للمسلمين يوم القيامة.

قالها فى لحظة صراحة عفوية أزاح فيها القناع المهذب عن حقيقة الشفاعة لقد أصبح الرسول محمد فى تصورهم ملاذ للأمة بديلاً عن رب العالمين.

إن جوهر  ما جاءت به كتب الله يتلخص فى وصية بسيطة؛ هى ألا يتخذ الناس من دون الله وكيلا "أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً"

{ وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً {2}سورة الإسراء

وقد أخبر القرآن  أن الرسول ليس وكيلاً على أمته وقد حددت الآيات مفهوم لفظ "وكيلاً" الذى نفاه الله عن رسوله؛ فالآيات تربط بوضوح بين نفى توكيل الرسول على أمته وبين مشيئة العفو والتعذيب التى هى بيد الله وحده وبين أى كائن يزعم الناس أنه يملك كشف الضر أو تحويلهم من حال الى حال أو من نار الى جنة. فالله أعلم بعباده وهو وحده سبحانه الذى يحدد مصائرهم من رحمة أو عذاب تبعاً لمشيئته وحده وليس مشيئة الوكلاء المزعومين، فالوكيل بالتالى يتدخل فى قرار العفو أو التعذيب ليدافع عمن وكل عنهم بزعم الناس وهو الأمر الذى نفاه الله عن رسوله.  ومع ذلك فمازلنا نعتقد أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم سوف يكون شفيعاً لأمته.

{ رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً {54} وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا {55} قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً {56} سورة الإسراء

و الله تعالى يمرر الإنسان بتجربة عملية فى الدنيا تكشف له حقيقة غيبية عن شفعاءه المزعومين فى الآخرة. فعند تعرض الإنسان فى حياته لعذاب الله وإنتقامه فى الدنيا "قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ " ينسى شفعاءه المزعومين و يستغيث بالله وحده لأنه يعلم أن أحداً من هؤلاء الشفعاء لا يستطيع كشف الضر عنه وهو موقف مماثل لما يحدث يوم القيامة " أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ" حيث لا يجد الإنسان الشفعاء المزعومين ليكشفوا عنه عذاب الآخرة فلا يجد أحداً يدعوه غير الله ليكشف عنه الضر إن شاء بل وينسون شفعاءهم:

{ قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {40} بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَاتَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ {41الانعام  

الآيات تخبرنا أن الشفعاء الذين نتوقع نصرهم لنا يوم القيامة ليس لهم أى صفة فى كشف عذاب الله فى الدنيا فما بالنا بالآخرة.

أحد الروايات الشهيرة المنسوبة للرسول ص تخبرنا عن مشهد يوم القيامة حيث يلجأ البشر للأنبياء لإغاثتهم من روع هذا اليوم، فيعتذر كل نبى عن نجدتهم بسبب خطأ ما ارتكبه فى حياته و عند استعانتهم بالرسول محمد ص يلبى استغاثتهم قائلاً أنا لها ثم يسأل ربه الشفاعة فيؤتاها.

و الرسول الصادق سوف يتبرأ من هذا القول المنسوب اليه بما يخالف كتاب الله الذى يؤكد أن لحظة حدوث عذاب الله سواء فى الدنيا أو الآخرة ينسى الناس غير الله و لا يستغيثون بسواه سواء كان أحد الأنبياء أو الصالحين أو حتى رسول الله نفسه لأن كلهم عباد لله و لا ينازع أحدهم الله فى ملكه يوم القيامة لأنه وحده مالك يوم الدين.

يستطيع  أى منصف أن يقر بأن مشاهد يوم القيامة التى بينها القرآن مفصلة عشرات المرات قد أسقطت تماما ذكر وقوع الشفاعة أو أى دور للشفعاء، بل ان هذه المشاهد تتناقض بوضوح  مع فكرة الشفاعة بالإضافة إلى نفي الشفاعة تماماً فى عدد لا حصر له من الآيات، بصيغ مباشرة وغير مباشرة. إن  كل تصورنا عن الشفاعة قد علمناه من مصادر ظنية لا شك أنها دون القرآن فى مستوى الحفظ الربانى، فهل كلفنا ربنا باتباع مصادر ظنية لتكوين عقيدة الحساب يوم القيامة؟

المتأمل لكتاب الله لا يجد أى تكليفٍ للرسول بإنذار الناس أو بتبشيرهم بوحى آخر غير القرآن، ولكن جاء التكليف بإنذار الناس وتبشيرهم بالوحى القرآنى تحديداً باعتبار ذلك الدور الرئيسى للقرآن، والإنذار والبشرى بالقرآن ليسا سوى تفصيل لقاعدة الحساب تامة ومكتملة يوم القيامة، وهو ما يعنى أن تكوين العقيدة الإسلامية المتعلقة بيوم الحساب لا بد وأن يكون من خلال القرآن وحده وليس أى شق آخر مفترض للوحى:

bullet

{ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا {97 سورة مريم

bullet

{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ {7}الشورى

bullet

{وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيع لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الأنعام 51

bullet

{قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُم بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاء إِذَا مَا يُنذَرُونَ {45 الأنبياء

bullet

{قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ {19الأنعام  

bullet

{كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {2} اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ {3} الأعراف

بعض المسلمين يسألون الله أن يأذن لهم بشفاعة الرسول ص وهو السبيل الى النجاة من النار فى تصورهم ولكن الله يعلمنا ما يجب أن تكون عليه دعوة المؤمنين الذين يخافون الآخرة فهم يقولون:

{ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا{65}إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا {66الفرقان

إن المؤمنين يطلبون من الله النجاة من النار ولكن برحمة الله مباشرة وليس عن طريق الشفعاء المزعومين وهذا هو ما يحثنا ربنا على فعله.

المؤمن كما أراده الله يسأل ربه النجاة من النار ويتبرأ أمام الله من الاعتقاد فى ناصر للظالمين الذين أخزاهم الله يوم القيامة، هذا الاعتقاد الخاطىء فى الشفعاء الذى صدقه كل الناس وتبرأ منه المؤمنون.

{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ {191} رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ {192آل عمران

 الشفاعة فى القرآن

 القرآن غنى بالآيات التى تتناول موضوع الشفاعة، على عكس الفكرة السائدة بأن هذا الموضوع أحيط بنوع من التعتيم فى القرآن، وأن الآيات التى ذكرت فى شأنه وردت متناقضة ، مترددة بين النفىتارة والإثبات تارة أخرى. ويكفى أن نعرف أن مشتقات لفظ الشفاعة ذكرت فى القرآن فى حوالى 23 موضع نفيت فيها جميعا نفى مطلق، فيما عدا ثمانى مواضع لم تقر فى أحدها الشفاعة ،و إنما نفيت فيها جميعاً فى وجود صيغةٍ ما للاستثناء. منها موضع واحد لم يستخدم فيه النفى المباشر وإنما استخدم الاستفام بعد النفى المطلق فى الآية السابقة مباشرة:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ {254} اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَالْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ {255 }البقرة 254-255 .

 الآية الأولى (254) تنفى الشفاعة بشكل مطلق و ذلك للذين آمنوا وليس للكافرين أو المشركين، و هو ما يغلق باب الشفاعة تماماً، و ينفى أى احتمال لأن تكون الآية الثانية (255) اقرار للشفاعة بعد إذن الله، فالنفى المطلق حسم الأمر ونفى احتمال وقوع الإذن.

وقد اعتقد البعض أن الآيات تحمل تصنيف للشفاعة إلى صنفين؛ شفاعة مرفوضة وهى شفاعة الشركاء و الأصنام والتى تنفيها الآية الأولى وشفاعة جائزة وهى شفاعة الرسول للمؤمنين والتى سوف يأذن بها الله يوم القيامة. لكننا لا نجد بالآيات أى صيغة تشير إلى هذا التصنيف فنفى الشفاعة فى الآية الأولى موجه للمؤمنين وليس للمشركين.

و قد اعتقد الناس أن الشق الأخير من الآية السابقة اقرار من الله بأنه سوف يأذن بالشفاعة للرسول الكريم، على الرغم من أنه من الغير المعقول أن يناقض القرآن نفسه، خاصة فى آيتين متتاليتين.

و بالتأمل البسيط لهذه الآية بأكملها نجد معنى آخر.

"من ذا الذى يشفع عنده إلا بإذنه"

ما يسبقها وما يليها يشير إلى صفات و قدرات المولى التى تحيطه علماً دقيقاً بأعمال عباده بعكس جميع البشر الذين اعتقد  العباد فى قدرتهم على مشاركة الله فى توجيه مصائرهم يوم القيامة.

فالله تعالى:

لا يغفل عن عباده سواء بالنوم أو بالموت.

{ اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ  الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ }

قيوم على شئون عباده رغم عظمة هذا الملك الذى يمتد بين السموات و الأرض وهو وحده مالك هذا الملك كله.

{لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ }

يعلم مابين أيديهم وما خلفهم أى أن الله يعلم كل شىء عن أعمال عباده المسجلة وهو أمر لا يحيط به أى لا يعلمه من الشفعاء المزعومين سوى الله تعالى.

{ِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء}

فما حاجة الله مع هذه القدرات الى بشر ممن خلق ليشفع عنده للعباد الذين خلقهم ويعلم كل خباياهم؟

وأى علم يضيفه الشفعاء اليه سبحانه هل يعلموا عن عباده أخفى مما يعلم أم أنهم أشد رحمة بعباده منه؟

تلك هى التساؤلات البديهية التى تطرحها الآية بشكل ضمنى كنتيجة منطقية للمقدمة التى وضعها الرحمن عن قدرته المتناهية فى الاحاطة بأعمال عباده سبحانه، فمن هذا الذى يشفع عند الله لمجرد زعم الناس وليس بإذن جاء فى كتاب الله؟

" من ذا الذى يشفع عنده الا بأذنه" الصيغة الاستنكارية فى الآية واضحة بما يكفى وإلا بإذنه ليست سوى فخ وضعه الله فتنة للذين تتعلق قلوبهم بشفاعة الرسول دون أن يأذن بها الله فى كتابه. وهى ليست سوى استفهام استنكارى أى سؤال ساخر ينكر الشفاعة التى زعمها الناس رغم تفرد الله بالقدرة الفائقة التى أشارت اليها الآيات.

الحقيقة الواضحة تماماً هى أن "إلا بإذنه" لا تحمل أى اقرار بشفاعة الرسول للمسلمين.

يمكننا تصور ذلك إن جائنا إعلان مسبق بهذا الإذن فى الدنيا عن طريق القرآن أى عهد مسبق بوجوب الشفاعة كما تشير الآيات :

{ونسوق المجرمين الى جهنم وردا لايملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا"( مريم 87)

وهو ما يعطى تفسيرا اكثر وضوحا لمعنى الإذن اى العهد المسبق فى الدنيا وهو ما لم يرد بالفعل فى كتاب الله.

ومصطلح الا بإذنه يوجه اذهاننا اننا ان التمسنا شفاعة بشر فعلينا ان نبحث عن اذن الله المسبق كدليل اساسى عليها فان لم نجد هذا الاذن فلنصمت عن هذا الادعاء. 

تماما كما قال الرسول ص "قل لو كان للرحمن ولدا فأنا أول العابدين"

والآية التالية تؤكد نفس المعنى:

{وقالوا لن تمسنا النار إلا أيام معدودات قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون"

فشرط الانتفاع بالشفاعة أو الخروج من النار يوم القيامة هو وجود عهد مسبق من الله فى الدنيا بذلك.

بعد تفصيل قضية الشفاعةفى الآيات 254-255 من سورة البقرة، تستوقفنا الآيات التى تليها بتعليق لا يمكن تجاهله؛ لقد تبين الرشد من الغى، وليس هناك اكراه لأحد على اتباع الرشد الذى بينته تلك الآيات، ولكل انسان حرية الاختيار بين ما فصلته الآيات وبين التصور السائد حول الشفاعة، ان المفاهيم الدينية المنتشرة بالإجماع دون أن تدعمها آيات الله هى بعينها الطاغوت، ومن يؤمن بآيات الله ويتخلى عن مفاهيم الطاغوت فقد استمسك بالعروة الوثقى التى لا انفصام لها.(تأمل تسلسل الآيات)   

  (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {265}  اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {257} البقرة

 

 

لا يفوتك عزيزى القارىء متابعة باقى موضوعاتنا عن الشفاعة حتى تكتمل رؤيتك عن الموضوع

الشفاعة | استثناء نفى الشفاعة | نفى الشفاعة | الشفاعة فى الزمر

 

 

 

Hit Counter