القرآن يكفى  

اجماع الأمة

حديث صحيح

تساوى الموازين

رجال الاعراف

أنواع الشرك

التشريع الإسلامى

كتب التفاسير

حفظ الذكر

الوحى الحق 

طاعه الرسول

ما نزل الله

الهوى التشريعى

الزكاة

حقيقة الشفاعة

نفى الشفاعة

استثناء نفى الشفاعة

الشفاعة فى الزمر

نفى رؤية الله

ملة أبراهيم

نورانية الرسول

زواج الكتابيات

المنسوخ فى القرآن

الانتفاع بعمل الغير

الحجاب أم النقاب
مقالات د/على طه:
عروج الرسول
غير الله حكما
المنسوخ والناسخ
العفو عن الذنب
   
   
كتب قيمة:

الشفاعة

ا.د/على طه

 راسلنا
قيم هذا الموقع
حمل المصحف
   
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
معنى الشورى

 

 

 

 

 

 

Hit Counter

معنى الشورى

هذه محاولة لفهم معنى الشورى التى سميت بها سورة الشورى والتى يمارسها المؤمن حين يستجب لله أى لآياته بما تحمله من أساسيات العقيدة الإسلامية. لعلنا نحاول التحلى بمعنى الشورى الذى اعتبرته الآيات من صفات المؤمنين.

هذه بعض الإشارات التى يمكن تبينها بوضوح  من تدبر سورة الشورى، لعلنا نفهم معنى الشورى وهى ليست تفسير للسورة.

شفاعة الأولياء

{ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {5}{ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ {6} وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ {7} وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ {8} أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {9} وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ {10}  

الآيات تستنكر اتخاذ العباد أولياء من دون الله، والأولياء إما زلفى فى الدنيا او لكشف عذاب الله فى الآخرة، المتاح عند الله فقط هو استغفار الملائكة للمؤمنين بمواصفاتهم التى بينتها (سورة غافر) وهى التوبة واتباع سبيل الله، أما غير ذلك من شفاعة أو زلفى فلا يقبلها الله، وقد أوحى الله الى رسوله قرآناً هو المرجع التشريعى الإسلامى الذى كلف صلى الله عليه وسلم بإنذارالبشرية به. هذا القرآن يخبر بلغة عربية واضحة أن العباد يوم القيامة فريقين اثنين لا ثالث لهما أحدهما الى الجنة والآخر الى السعير، لأن الله لو أراد أن يدخل الناس جميعهم الجنة بصرف النظر عن أعمالهم لجعلهم أمة واحدة مهتدية، لكن الله يدخل الجنة من يشاء بارادته وحكمته وحده وليس بإرادة أو رجاء أو شفاعة أو مكانة احد العباد، أما الظالمون فلن يجدوا لهم يوم القيامة ولى أو نصير يكشف عنهم عذاب الله، ورغم هذه الكلمات العربية البسيطة التى تبين بوضوح أحداث يوم القيامة، وتنفى الأولياء وتقرر أن الناس فى هذا اليوم فريقين اثنين، إلا أن هذه العبارات البسيطة العربية استعصت فى فهمها على الناس فصدقوا وجود فريق ثالث يوم القيامة  يخرج من النار بشفاعة الأولياء فاتخذوا بناءاً على ذلك أولياء من دون الله، وتختتم الآيات بأن الله هو الحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، إلا أن الناس يحتكمون عادة ليس إلى كلمات الله ولكن الى موروثاتهم الدينية ولاجماع الامة وملة الآباء والأجداد.

شريعة الله و التفرق فى الدين

{ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {12} شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ {13} وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ {14} فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ {15}وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ {16} اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ {17

 الله الذى له مقاليد السموات والأرض هو وحده الذى شرع الدين لكل الأنبياء وهو الذى شرع دين نبيه محمد صلى الله عليه وسلم متمثلاً فيما أوحى إليه، وأمر بإقامة هذا الدين الذى شرعه الله والمحدد بالوحى وعدم التفرق فى الدين. إن التفرق فى الدين لا يحدث إلا بإقحام المصادر التشريعيه أخرى على دين الله ما أنزل الله بها من سلطان، إلا أن الناس بالفعل تفرقوا عما أنزل الله من العلم واتبعوا علم آخر دونه واختلفوا لدرجة أنهم أصبحوا فى شك من الحقائق التى أنزلها الله فى كتابه.

لهذا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم مكلف بدعوة الناس والاستقامة هو نفسه على ما أمر الله به، والمرجع التشريعى للرسول صلى الله عليه وسلم الذى كلف بالإيمان به هو الكتب التى أنزلها الله لا يضاف اليها علم آخر  وهو مكلف بالعدل بين الناس بناءاً على هذا المرجع التشريعى.

أما الحقائق القرآنية التى أنزلها الله فى كتابه بالحق و الميزان وقد استجاب لها المؤمنون بالفعل، فسوف يظل هناك من يجادل فيها رغم حجتهم الضعيفة الضاحضة الغير مدعمة بسلطان من الله. ( فهل فى ميزان الله  نقص أو اجمال أو غموض؟)

تساوى الموازين

أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ {18} اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ {19} مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ {20} أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {21} تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ {22}

إن الذين يجادلون فى حقائق يوم القيامة التى فصلها الله قد ضلوا، وأبرز هذه الحقائق التى بدلها الناس هى تصور أن الهدى والضلال يلتقيان فى وضع متوسط بين هذين النقيضين، أى أنهم يعتقدون فى وجود فريق تتساوى موازينه يوم القيامة وأنه يدخل الجنة بعد تطهيره من ذنوبه فى النار. لكن الحقيقة التى يؤكدها القرآن غير ذلك،  لأن مقاييس الهدى والضلال عند الله لا تحتمل حالة تساوى موازين الخير والشر فالرشاد عند الله يعنى أن يريد الإنسان الآخرة، وقد بين القرآن أن من يريد الآخرة عليه السعى لها أى العمل والإعداد لها مع الإيمان وشرح القرآن تفضيل الآخرة على الدنيا بأنه الخوف من مقام الله ونهى النفس عن الهوى هذا هو حال أهل الجنة، أما الفريق الآخر أى أهل النار فهو لا يريد الآخرة بل يريد الدنيا فقط، أى أن كل سعيه للدنيا ولا يسعى للآخرة ولا يخاف مقام الله ولا ينهى النفس عن الهوى بل انه طغى أى تمادى فى غيه، فيؤتيه الله بعضاَ من خيرات الدنيا التى أرادها وسعى لها لكن ليس له فى الآخرة أى نصيب، أما من يحاول تبديل هذه القاعدة فى عقيدة المسلمين، فليس ذلك من تشريع الله ، بل هو من تشريع الشركاء المزعومين.

فالظالمين لا محالة معذبين بذنوبهم، أما المؤمنين فهم فى روضات الجنات (جعلنا الله وإياكم معهم) هذه هى فقط الاحتملات الواردة يوم القيامة كما بينها القرآن العربى.

قبول التوبة و محو السيئات

{ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ {24 وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {25} وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ {26}

والله ليس فى حاجة لتعذيب المؤمنين بذنوبهم يوم القيامة لتطهيرهم منها لأنه سبحانه يقبل التوبة عن عباده التائبين وبالتالى فهو سبحانه يعفو عن السيئات فيمحوها ويبدلها حسنات، إن فريق المهتدين قد استجاب لله بالإيمان والعمل الصالح فزادهم الله من فضله هدى ومغفرة وتثبيت، فكيف تتساوى موازين من استجاب لله وزاده الله من فضله مع من ضل، وهل يبقى بعد الاستجابة لله وزيادته من فضله هل يبقى للإنسان بعدها شوائب ضلال ليحرق بها فى النار فيتطهر وهو منطق آخر للحق الذى  يبطل به الله ويمحو به فكرة الفريق الثالث الباطلة. أما اذا نسبنا لرسول الله أحاديث الشفاعة والخروج من النار، وهو ما يخالف هذه الآيات ويخالف جوهر القرآن، نكون كمن يتهم رسول الله بافتراء الكذب على الله.

الاستجابة لله

{ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُم مِّن مَّحِيصٍ {35} فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ {36} وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ {37} وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ {38

تخبر الآية بحقيقة هامة عما يبطنه المجادلون فى آيات الله إنهم يعلمون فى أعماقهم أنه ما لهم من محيص أى ملجأ من الله يوم القيامة لأن حجتهم ضعيفة أمام ما بينه القرآن من حقائق، ومع ذلك فهم مستمرون فى ترويج أوهام الشفاعة والخروج من النار واضلال الناس بها، لكن الآخرة سوف يجعلها الله فقط للمؤمنين الذين حددت الآيات مواصفاتهم بدقة، وأبرزها أنهم استجابوا لربهم تخلياً عن أكاذيب المجادلين، لأن لديهم حيز من الشورى أو المرونة الفكرية التى تسمح لهم بالتخلى عن الموروثات العقائدية الخاطئة اذا تبين لهم أنها تخالف آيات الله.

 {وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ {45} وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَاء يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ {46} اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ {47} فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ {48

استمراراً فى شرح القاعدة الصحيحة للحساب يوم القيامة، تنتقل السورة الى الحديث عن الفريق الخاسر أى الذى صدر الحكم بدخوله النار لقد خسر نفسه فى عذاب مقيم أى مستمر لا نهاية له، وأصحاب هذا الفريق لن يجدوا أولياء يدافعون عنهم وينصرونهم يوم القيامة لاخراجهم من النار لسبب بسيط هو أن من أضله الله ليس له أى سبيل للنجاة من النار، فالقضية قضية هدى الله أو اضلاله بالعدل والحق ولا يتوسط هدى الله واضلاله حالة ثالثة، ويأمر الله عباده بالاستجابة لتصحيحات العقيدة التى تناولتها هذه السورة والتى تختلف عن موروثات الآباء والأجداد قبل أن يأتى يوم القيامة الذى لا مرد له من الله ولن يجد من لم يستجب لله ملجأ يوم القيامة أو أحد ينصره من الله، فالرسول صلى الله عليه وسلم  لم يرسل حفيظاً على أمته كما نعتقد نحن المسلمون.

نفى رؤية الله

 { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ {51}وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {52}

 وتنتهى سورة الشورى بإحقاق الحق وإبطال الباطل فى قضية رؤية الله، وهى من القضايا التى ادعاها كل الأمم زوراً فالآيات تنفى أى امكانية لرؤية البشر لله، فالله يكلم عباده المصطفين إما وحياً مباشراً أو تكليم من وراء حجاب، أو وحياً عن طريق رسول، وكذلك أى بنفس هذه القاعدة أوحى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

معنى الشورى والمرونة العقلية

بهذا تكون سورة الشورى قد تناولت أهم قضايا الاختلاف مثل الخروج من النار عن طريق أولياء وتشريع غير الله فى الدين والفريق الثالث يوم القيامة، ورؤية الله.

وقد سميت سورة الشورى بهذ الإسم لتوجيه المسلمين بأن عليهم التحلى بقدر من الشورى أى قدر من المرونة العقلية التى تتيح لهم التخلى عن الموروثات الدينية الخاطئة التى طرحتها السورة وعدم التشبث بها أى الاستجابة لله والجدير بالذكر ان الاستجابة لله ذكرت خمس مرات فى هذه السورة الصغيرة سورة "الشورى" للدلالة على أن الاستجابة لله أى لآياته بمفاهيمها الحقيقية، تستدعى قدر من الشورى التى تسمح بالتعامل مع الرأى الآخر الذى نختلف معه كليةً لتعارضه مع مفاهيمنا المتوارثة الراسخة.

ولعل معنى الشورى يكون قد اتضح للقارىء الكريم. ولعلنا نطبق معنى الشورى عند التعامل مع تصوراتنا الدينية.

 

عودة لموضوع اتباع الظن