القرآن يكفى  

اجماع الأمة

حديث صحيح

تساوى الموازين

رجال الاعراف

أنواع الشرك

التشريع الإسلامى

كتب التفاسير

حفظ الذكر

الوحى الحق 

طاعه الرسول

ما نزل الله

الهوى التشريعى

الزكاة

حقيقة الشفاعة

نفى الشفاعة

استثناء نفى الشفاعة

الشفاعة فى الزمر

نفى رؤية الله

ملة أبراهيم

نورانية الرسول

زواج الكتابيات

المنسوخ فى القرآن

الانتفاع بعمل الغير

الحجاب أم النقاب
مقالات د/على طه:
عروج الرسول
غير الله حكما
المنسوخ والناسخ
العفو عن الذنب
   
   
كتب قيمة:

الشفاعة

ا.د/على طه

 راسلنا
قيم هذا الموقع
حمل المصحف
   
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
معنى الشورى

 

 

 

 

 

 

Hit Counter

تفاسير | الوحى الحق | الذكر المحفوظ | طاعة الرسول | آيات الله

تفسير القرآن

القرآن ليس كغيره من الكتب فهو كرسالة الهية لا يحتمل تدخل بشرى لتوضيح معانيه لأن المولى يتكفل بذلك فى كل لحظة ومع أى إنسان، فالمؤمن يفهم القرآن بهدى وإرشاد ربه القريب الذى لايغيب عن عباده.

 (مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا {17الكهف

فقط هدى الله هو كل ما يحتاجه المؤمن لفهم القرآن، لأن من يهديه الله فهو لا محالة سوف يهتدى ولن يحتاج لمبين أو مفسر لهدى الله، أما من أضله الله أو أمسك عنه هداه  فلا يمكن لأى انسان هدايته أو ارشاده.

 والقرآن يعتمد فى فهمه على حالة القلب المتلقى له، فالمؤمن يستقبل الهدى والفهم والشفاء بإذن الله أما غير المؤمن فتغلق أمامه أبواب الفهم و الرحمة.

{ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ  44(فصلت

{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًامَّسْتُورًا {45} وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ) 46 الإسراء

يتضح من الآيات أن القرآن لا يدرك بمقاييس الفهم البشرية بل إن كلماته نابضة وحية تتفتح معانيه أو تغلق تبعا للحالة الإيمانية للمتلقى ولا يغنى عن الانسان كل كتب التفاسير لأن أحداً منها لا يستطيع نزع الوقر و الأكنة والحجب عن القلوب التى لا تؤمن بالآخرة.

لقد أمرنا المولى فى العديد من الآيات بتدبر القرآن ولم يأمر فى آية واحدة بتتبع تأويلات بشرية للقرآن بل استنكر تتبع تأويله واعتبره نسيان للقرآن ذاته.  

{أفلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)  24  محمد

  { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا) {82 النساء

نحن لا ندعو لنبذ كتب التفاسير اننا ننهى فقط عن تكوين عقائدنا وتصوراتنا بناءاً على كتب التفسبر وبذلك نجعلها فوق القرآن ونحن ندعو كل مسلم يريد معرفة دينه وتكوين عقيدته بالنقاء والصدق الذى أنزله الله أن يتدبر ويدرس القرآن  دون الاستعانة بأى مصادر بشرية تعطيه مفاهيم مسبقة عن دينه، وسوف ييسر الله له القرآن للذكر، وبعد تكوين عقيدته ومفاهيمه من خلال القرآن وحده فليقرآ ما شاء من كتب التفاسير، لأنه أصبح محصن بالفرقان الربانى الذى أودعه الله فى كتابه العزيز و يمكنه بالتالى تميز كل تصور خاطىء قد تسرب الى التفسيرات.

 تأويلات القرآن

 المتأمل لكتاب الله يجد أن "تأويل القرآن" قد ذكر بمعنى "تفسير القرآن"

{ هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ {7 آل عمران  

الآية التالية من سورة الأعراف تصف بدقة واقع الناس اليوم من تهميش القرآن وفهمه فقط من خلال تأويلات القرآن و كتب التفاسير لدرجة نسيان القرآن ذاته، والواقع أن الناس يهاجموا كل من يتدبر القرآن بدعوى أنه متبع لهواه، أى أنهم لايفرقون بين الهوى الذى حذرنا الله من اتباعه والعقل الذى أمرنا الله بإعماله فى فهم القرآن.

{ وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {52} هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ {53الأعراف

وقد جاء "تأويل القرآن" فى كتب التفاسير بمعنى العذاب الذى أنكره المكذبون و أنذرهم به القرآن، لكن  فهم "تأويل القرآن"بمعنى تفسير القرآن أقوى ويتفق أكثر مع ذكر الكتاب المفصل على علم، ولو قصد بتأويله العذاب لذكر فى الآية الوعيد والنذر وليس الرحمة والهدى وتفصيل الكتاب على علم.

ولكن بتأمل معنى التأويل فى القرآن نجد:

جاء التأويل بمعنى تفسير الأحلام :

{ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {6 يوسف

قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ {44}يوسف

و جاء التأويل بمعنى تفسير مواقف غامضة:

قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا {78}

الخلاصة أن لفظ التأويل ذكر فى عدة مواضع من القرآن بمعنى التفسير بشكل عام فإذا كان سياق الآية يتحدث عن القرآن المفصل على علم و الهدى والرحمة التى أودعها الله فيه، فالتأويل هنا بلا شك يعنى تفسير القرآن.  ولم يأتى لفظ التأويل فى القرآن فى موضع واحد بمعنى عذاب الله على كثرة ذكر عذاب الله فى القرآن.

وبعد فالقرآن ينهانا فى الآية 53 من سورة الأعراف عن تلقى رؤيتنا وفهمنا للقرآن من خلال "تأويلات القرآن" أو تفسيراته، و سوف تعرض تأويلات القرآن يوم القيامة حيث سيتبين الناس أنهم اتبعوها ونسوا القرآن فيبحثوا عن شفعاء لعلهم ينقذوهم من عذاب الله.

  هل تفسر السنة القرآن؟

من السهل على الباحث عن الحق ان يجد الرد القرآنى على الزعم القائل بأن السنة تفسر القرآن وتفصله و المولى يخبرنا فى القرآن

نحو 11 مرة انه أرسل كتابا عربياً

نحو 20 مرة أن آياته بينات

نحو 20 مرة انه كتابا مفصلاً

إن فهم عربية القرآن لا يستدعى مستوى متميز من دراسة اللغة وأسرارها، ان عربية القرآن تعنى على وجه الخصوص سلاسة اللغة والبيان الذى يوضح عقيدة الاسلام مفصلة ويحدد قاعدة الحساب يوم القيامة.

 تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {2} كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {3َ{ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ {4}  فصلت

لقد فصلت آيات هذا الكتاب بلغة عربية بسيطة تحدد فى يسر ووضوح مبادىء التبشير والإنذار كاملة بلا ادنى نقص، لكن المشكلة لم تكن فى فهم هذه الآيات العربية المفصلة وانما فى الاعراض عنها واغلاق الناس لحواسهم تجاهها، وهو ما جعلهم لا يسمعون قاعدة الحساب التى تحملها هذه الآيات العربية اليسيرة بل انهم اتبعوا تصورات أخرى لعقيدة الآخرة جاءوا بها من مناهج أخرى بخلاف هذه الآيات العربية، تحت دعوى تفسير القرآن وتفصيله.

{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ {7} سورة الشورى

لقد أوحى هذا القرآن الى الرسول بكلمات عربية مبسطة تقول أن الناس يوم القيامة فريقين اثنين أحدهما الى الجنة والآخر الى السعير وهذه الكلمة السهلة استعصت فى فهمها على الناس فاستعانوا بتفسيرات بدلت قاعدة الفريقين واضافت اليهما فريق ثالث يدخل النار ثم يدخل الجنة.

{ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ {193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ {194} بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ {195} سورة الشعراء

ان عربية القرآن مرتبطة ببيان عقيدة الاسلام وعقيدة الآخرة على وجه الخصوص والمتمثلة فى الانذار :"َ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ  بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ"

الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ {1 هود

لقد تم تفصيل آيات هذا الكتاب من قبل الله الحكيم الخبير و ليس أحد من البشر و لا حتى رسول الله.

{ قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا {10} رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ }

ان آيات الله مبينات بذاتها لاخراج المؤمنين فقط من الظلمات الى النور، وهذا هو سر فهم المؤمنين للقرآن، انهم يفهمون القرآن باخراج الله لهم من الظلمات الى النور وليس بتتبع تفسيرات بشرية لا تخرج من الظلمات الى النور.

 ومع ذلك فإن أغلب المسلمين يتجاهلون تلك الآيات أحيانا و يتحايلون عليها أحيانا أخرى بادعاء جهل العامة بقواعد اللغة العربية كمبرر للإستعانة بالتفاسير وكأن المولى حين ذكر أن القرآن عربى لم يكن يعلم حال الناس اليوم وكأن المولى ارسل القرآن حكراً على المتعمقين فى دراسة اللغة العربية وقواعدها. والحقيقة أن القرآن بلغته المرنه التى تتوافق مع تطور اللغة فى كل جيل أيسر فى فهمه من لغة كتب التفاسير التى كتبت منذ قرون بعيدة.

ان جعل فهم القرآن حكراً على كتب التفاسير يشبه الى حدٍ ما حال بعض الأمم السابقة حيث كانت كتب الله تحجب عن عامة الشعب ولا يحتفظ بها الا كبراء رجال الدين و لا يسمحون لأحد بالاطلاع عليها ولا يعلم أحد عن كتاب الله الا ما يخبر به رجال الدين، لكن الله قد حرر كتابه الخاتم من أى شكل من أشكال الاحتكار وجعل فهمه لمن يتدبره فيهديه  الله ويخرجه من الظلمات الى النور ولم يجعل فهم كتابه حكراً على تفسيرات بشرية.

هل بيان الرسول للقرآن يعنى تفسيره؟

يعتقد كثيرون أن الرسول كلف بتفسير القرآن استناداً الى بعض الآيات التى تشير الى بيان الرسول للقرآن مثل:

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {43} بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون} النحل

ونلاحظ أن الرسول يبين الذكر و الناس عليها أن تتفكر فى الآيات حتى تفهم القرآن، فبلاغ الرسول لا يشرح القرآن لأن فهمه يعتمد على التفكر فى آياته.

والآيات تحدد الهدف الوحيد من إنزال الذكر على الرسول وهو أن يبين للناس دينهم الذى نزل إليهم ولعلهم يتفكرون، ومن غير المتصور أن يكون الهدف الوحيد من إنزال القرآن على الرسول هو أن يفسره للناس! فوظيفة الرسول هى البلاغ المبين وليس التفسير :

وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {54

ووظيفة الرسول ليست تفسير القرآن بدليل أنه صلوات الله عليه وسلامه  لم يفسر الآيات الكونية التى بينها الله عن طريق العلوم الحديثة عن طريق غير المسلمين وهى احدى طرق تفصيل القرآن كما تبينها سورة فصلت:

 سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {53} فصلت

والآيات التالية من سورة النحل هى امتداد للآيات السابقة من نفس السورة، وهى تقترب من المعنى بشكل أكثر تفصيلاً فالآيات هنا تشير إلى أن بيان الرسول للكتاب هو بيان أمور الاختلاف فى الرسالات السابقة مثل التوراة والإنجيل، فالآية تقول أن السبب الرئيسى لإنزال القرآن على محمد هو تحديد وتصحيح الإنحرافات التى حدثت فى الرسالات السابقة.

{ تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {63} وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {64}   النحل

بيان القرآن

و بيان الرسالات هى وظيفة كل الرسل وليس نبى الله محمد وحده فهل جاء كل نبى بسنة منفصلة تبين رسالته ؟

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {4}ابراهيم

أرسل الله كل رسول بنفس لغة قومه ليبين رسالة ربه أى ليبلغها،  أما الإضلال أو الهداية للحق الذى فى هذه الرسالات، فالله وحده الكفيل بهما.

و لفظ "تبين" فى سياق الآيات لا يشير الى تفسير النبى للقرآن إلا بزعمنا، أما تتبع هذا اللفظ فى القرآن فيفهم منه:

{ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ {159} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {160 البقرة

{ وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ {187آل عمران

الآيات توضح ان بيان آيات الله هو تبليغها وعدم كتمانها.

أما وظيفة الرسول ص وأخوانه من الرسل فهو تبليغ آيات الله كما تنزلت دون إضافة أو نقصان، فلو أضاف الرسول أو انتقص مما أنزل اليه وهو القرآن  يصبح غير مبلغ لرسالة ربه:

 {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ {67  

{ وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْك َالْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ {40

فالرسول مكلف فقط بالبلاغ أى تبليغ القرآن المبين أى الواضح بذاته .

{ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {54

وطاعة الرسول محددة بوظيفته وهى البلاغ المبين.

شرط الإيمان بالقرآن

{ أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ {17 هود

الآية وضعت شرط للإيمان بالقرآن و هو " وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ"  

لم تقل الآيات شاهد عليه، بمعنى الشهادة على ما جاء فى القرآن. بل شاهد منه بمعنى المشاهدة وتكوين الرؤية والمفاهيم و التلقى الكامل من القرآن.

التلقى من القرآن فقط و ليس مما دونه و هو شرط الإيمان بالقرآن.

فالمشاهدة و التلقى من غير القرآن مدخل إضافة و إنقاص للمعنى القرآنى تبعد عن المعنى المقصود.

 وقد تكفل المولى بتفسير وبيان القرآن بل و بتعليمه و تسهيله للذكر :

" لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ {16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ {17} فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ" {19}

"الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان " الرحمن

"ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر "

من غير المعقول ان يجعل المؤمن وسيط من البشر بينه وبين ربه لإفهامه القرآن لأن أى تدخل بشرى قد يشوه المفاهيم الإلهية و المولى أقدر على توصيل ما يريد لعباده فالله جل و علا لا يغيب عن عباده لحظة واحدة ليحل غيره محله فى توضيح ما أنزله سبحانه وهو وحده الذى يهدى للحق ويبين قرآنه لمن يشاء وقتما شاء.

لو شاء الله لأنزل قرآن يفهم بشكل مباشر بما يرضى تطلع البشر لكن الله أراد قرآن يُفهم بالتدبر والتعقل و ايقاظ الحواس والقدرة على تمييز الحق من الباطل ثم يكتمل فهم الإنسان للقرآن بهدى الله وتوجيهه. فعطل الناس كل ذلك وجعلوا فهم القرآن حكراً على كتب التفاسير فعجزوا عن فهم القرآن بالشكل الذى أراده الله.

أراد الله للمفاهيم البشرية أن تتخلل عقيدة الإسلام عن طريق التفاسير وغيرها حتى يتحقق اختبار العلم الخاطىء فى الدين والذى ابتليت به جميع الأمم السابقة، وهو ما يحقق العدل الإلهى بين أمة الإسلام والأمم السابقة.

سيظل اختبار العلم الدينى الخاطىء هو المحك الرئيسى الذى يحدد صدق ايمان كل انسان وسلامة فطرته ويقظة عقله.

وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ {17} الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {18} سورة الزمر

إن اجتناب الطاغوت يعنى أن هناك دائماً علم يتبعه المؤمن وعلم آخر على المؤمن إسقاطه.

 أما السمة الرئيسية فى العلم الواجب الاتباع بديلاً عن الطاغوت فهى كونه العلم الأحسن وليس العلم الأكثر انتشاراً والأكثر إجماعاً، ولفظ "أحسن القول" يعطى كل انسان صلاحية التمييز بين العلوم الدينية المطروحة على الساحة، تلك الصلاحية التى سلبها إيانا علماءنا وفرضوا علينا اجماعهم، لفظ أحسن القول يعنى تمييز حر يقوم على أساس العقل وليس الاتباع المطلق لما وجدنا عليه مجتمعنا وآباءنا وعلماءنا، وهو ما تؤكده صفة " أُوْلُوا الْأَلْبَابِ التى اتصف بها هؤلاء، هنا فقط تتحقق لدى المؤمن جدارته بهدى الله " أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ"

من الذى يهدى للحق؟

{ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ {35}وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ {36} وَمَا كَانَ هَـذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ{37}  أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {38}بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ {39}وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ {40}  يونس

فى الآيات مقارنة بين اتباع هدى الله بما يشمله من تشريع وعلم و فهم للدين و إتباع هدى البشر مشيراً إلى أن هدى الله هو أحق بالإتباع أما هدى البشر فما هو إلا ظنا.

والقرآن الذى هو هدى الله فوق مستوى الإفتراء فى تلميح واضح إلى أن ما دون القرآن من هدى البشر ناله التحريف.

 والآيات تبين أن القرآن به تفصيل الكتاب أى أنه ليس مجملاً كما يعتقد الكثيرون. فى هذا السياق تشير الآيات إلى أن من الناس من لم يحِط بعلم القرآن ولم يأته تأويله أى تفسيره، ومن الناس من يؤمن بالقرآن ومنهم أيضاً من لا يؤمن به والله وحده هو الأعلم بالمفسدين الذين لا يؤمنون بالقرآن. فلا ينبغى على المسلم افتراض مصداقية كل متكلم عن القرآن لأن التمييز بين من يؤمن به ومن لا يؤمن ومن يعلم تأويل القرآن وأحاط بعلمه ومن لا يعلم، كل ذلك من علم الله وحده، فالإحاطة بعلم القرآن وتأويله وصدق الإيمان به ليس حكراً على أحد من الناس، فلا يحق لأحد أن ينسبها لكتب بعينها وأن يكفر كل من يتعارض معها.

وتنتهى الآيات ينفى قدرة الرسول على تنبيه حواس الناس المعطلة من سمعٍ وبصرً، وتنفى أيضاً قدرته صلوات الله عليه وسلامه على الهدى، وهى نفسها أدوات فهم القرآن لأن كل ذلك من صلاحيات الله وحده وهو ما ينفى عن الرسول تفسير القرآن كما يعتقد الناس. لذلك فسيظل هدى الله أحق بالاتباع من هدى البشر.

وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ {42} وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ {43 يونس

 

  متى نعجزعن فهم القرآن

  •       إذا أغلق الإنسان عقله وحواسه

  إذا أغلق الإنسان عقله وحواسه من سمع وبصر عن التفاعل مع ما يتلقاه من معارف دينية، فى هذه الحالة  لا يفتح الله تعالى مداركه لاستقبال الحق و فهمه و سماعه لأنه لا جدوى منه سواء علم الحق أم عمى عنه. و الحديث هنا للذين آمنوا:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ {20 وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ {21} إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ {22} وَلَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأسْمَعَهُمْ وَ لوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ {23 الأنفال

وقد صف الله القرآن بالذكر لأن ما به من حقائق تتطابق مع فطرة الإسلام المسجلة فى خلايا الإنسان، لذلك فهو لا يضيف حقائق جديدة للإنسان بل هو مجرد تذكير للإنسان بما فى فطرته من علم، لذلك لا يحتاج الانسان لفهم هذا الذكر إلا لإيقاظ حواسه من سمع وبصر وعقل وقلب حتى تتفاعل تلقائياً مع هذا الذكر المطابق لفطرته فيعى الإنسان القرآن.  

 

  •        عدم الأيمان بالآخرة

{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا {45} وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ) 46 الإسراء

الآية تخبرنا بحقيقة هامة، القرآن الذى يشرح الصدور هو ذاته الذى تغلق مفاتح الرحمة و النور والهدى والفهم فيه بأمر الله أمام المكذب بالآخرة، و التكذيب بالآخرة لا يعنى بالضرورة إعلان الكفر و المجاهرة به بل يكفى نسيان الآخرة و استبعاد حدوثها قريبا وتغيير قاعدة الحساب التى حددها الله فى كتابه.

  و الشيطان يضع أحياناً أمام المسلم عقبة و حاجز بينه وبين تدبر القرآن بحجة الخوف من سوء فهم أو سوء تأويل القرآن و الحق أن الله لا يترك عبده المؤمن بل يهديه  و يجعل له فرقان  يميز به بين الصواب و الخطأ بل و يجعل له نور أى علم وإيمان و يقين يمشى به فى الناس بشرط تقوى الله و الإيمان فكل مؤمن يقرأ كتاب الله برغبة صادقة فى فهمه و تدبره يبينه له الله و يفتح له كل أسرار و رحمات وهدى القرآن دون الحاجة لحصوله على شهادات موثقة من الجامعة بأهليته لفهم القرآن.

"أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {  122 الأنعام

 أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ {29الفرقان

"ٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ {15} يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ 15-16 المائدة"

إن الله يهدى عباده بهذا الكتاب المبين إلى سبل السلام أى طريق النجاة من النار ويخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى طريقه المستقيم، بشرط واحد هو اتباع رضوان الله وليس اتباع تفسيرات بشرية للقرآن، مع ملاحظة أن الله هو الذى يهدى وهو الذى يخرج من الظلمات إلى النور بهذا الكتاب ولم يوكل الله أحد المفسرين للقيام نيابة عنه سبحانه بهداية العباد واخراجهم من الظلمات الى النور.

والله الذى يشرح صدر المؤمن بينما هو يتلو القرآن ( أى يفتح مراكز الإستقبال فى قلب ووجدان المؤمن)  هو وحده القادر على فتح مراكز الإستقبال فى إدراك و عقل عبده المؤمن حين يقرأ القرآن و يتدبره.

"فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ { الأنعام125

إذا أراد الله هداية أحد عباده، فإنه يشرح صدره للحق وللإسلام بكل قيمه فيهتدى إليه، أما اذا أراد الله إضلال أحد عباده فإنه يجعل صدره يضيق عند سماع الحق فيكره الحق ويرتضى الباطل فيضل، أى أن فهم القرآن يعنى هدى الله والتباس فهم القرآن يعنى أن الله لم يأذن بالهدى بعد، أما كراهية الانسان للحقائق القرآنية بسبب سوء فهمه للقرآن فهو الضلال الحقيقى وهو أمر وارد بالفعل ولن تغنى عنه كل كتب التفاسير.

لهذا فلا يمكن أن يضل الإنسان إذا حاول تدبر القرآن من تلقاء نفسه وقراءة القرآن تعصم المسلم من أن يضل بينما يظن نفسه على هدى، لأن حالة واحدة هى التى يضل فيها الإنسان وهو يحسب نفسه مهتدى؛ عندما يترك القرآن، حيث يقيض له الله شيطانا قرينا يضله عن الحق ويظل معتقد أنه على هدى.

 "وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ {36} وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ {37 الزخرف

من هنا فان المسلم ليس فى حاجة لمستوى راق من الإلمام بقواعد اللغة العربية حتى يفهم القرآن بل إن فهمه للقرآن هو الذى يقوى لغته العربية  

    رحلة المؤمن مع القرآن

  حين يبدأ المسلم فى قراءة القرآن بالرغبة الصادقة فى فهمه وتدبره يمر بمراحل من الهدى والإيمان بينها القرآن فى سورة الزمر

"أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ {22} اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ  إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ {23الزمر

 المرحلة الأولى هى انتفاض خلايا الجلد لسماع كلمات الله و انشراح الصدر

 يليها لين القلب لذكر الله بمعنى أن القلب الذى كان لاهيا بالدنيا و مغرياتها يصبح به مساحة كبيرة من حب الله و ذكر الله  بشكل تلقائى

 يحدث فى اتجاهات المسلم تغير ملموس فقد صار يحب الإيمان بشدة ويميل لكل ما هو اسلامى ويكره الكفر بشدة و ينفر من المعصية هكذا فعل به ربه حبب اليه الأيمان و زينه فى قلبه وكره اليه الكفر و الفسوق و العصيان

 تقابل المسلم صعوبات للوهلة الأولى لقراءته القرآن لأنه لم يألف بعد مصطلحات القرآن التى تبدو غريبة وغير مفهومة أول الأمر، لكن سرعان ما يألف الألفاظ القرآنية و يسعد كثيراً حين تبدأ ذاكرته فى التعرف على معانى الكلمات حين تتكرر الألفاظ و المعانى بصيغة أوضح فى مواضع و آيات أخرى،

 بعد فترة قليلة جداً يصبح القرآن أيسر فى فهمه، يصبح القرآن مثل الهواء لا يستطيع العيش بدونه و اذا هجره لفترة سرعان ما يعود اليه ليأخذ من نوره.

  تأتى بعدها مرحلة الهدى فخلال شهور قلائل من المداومة على قراءة القرآن بصدق وإخلاص يتكون لدى المؤمن بشكل تلقائى جداً و دون أن يشعر يتكون لديه رصيد كبير من المفاهيم القرآنية فى كل ما يخص جوانب العقيدة تمكنه هذه المفاهيم من النفور من أى قول يسمعه لا يتفق مع مفاهيمه القرآنية الرائعة التى آمن بها وأحبها.

 مع تطور عقليته و نضجه  بمرور السنوات تبدأ قدرته على فهم القرآن فى التعمق متدرجاً فى مراحل متعددة على مدى سنوات عمره و يبدأ فى اكتشاف أسرار قرآنية أكثر و يبدأ فى ربط الآيات بعضها ببعض والخروج بمعانى أعمق ثم ربط جوانب السورة الواحدة و البدء فى اكتشاف الموضوع أو الفكرة الرئيسية لكل سورة و التى تتناغم فى نسيج واحد هكذا يبين الله له آياته ويهديه بها.

من الملاحظ أن فهم القرآن لا يعنى بالضرورة فهم كل ألفاظه بل يمكن فهم المعنى بشكل عام بوضوح شديد و بالحس اللغوى دون فهم كثير من ألفاظ الآية ، فالقرآن لا يريدنا أن نقف طويلاً أمام الألفاظ التى لا نعرفها

كمثال على ذلك:

{ مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ {15 الحج

معنى الآية واضح ككل دون الخوض فى معانى الآلفاظ على حدة، الله يقول لمن يتوقع عدم نصر الله له فى الدنيا و الآخرة ( فيدفعه ذلك بالتالى للبحث عن شركاء لله يلتمسوا له نصر الله) إسأل الله دعاء فى نفسك و انتظر سوف تجد الله مجيباً.

وربما يظل الإنسان يفهم معنى الآية بل و يتطور فهمه لمعانى خفية فى الآية دون أن يحتاج لفهم المعنى اللفظى ل" ليقطع- ليمدد بسبب الى السماء- يذهبن كيده ما يغيظ"

كيف نتغلب على عدم فهم القرآن

 وضعت سورة فصلت خطوات محددة للتغلب على عدم فهم القرآن (ليس ضمنها الاستعانة بالتفاسير البشرية):

فعندما يجد الانسان حواجز تمنع حواسه من استقبال آيات الله (اسمتها الآيات وقر وأكنة وحجاب)  فالحل هو الاستقامة على المنهج الذى أنزله الله (بمعنى التخلى عن موروثاتنا الدينية التى لا يؤيدها كتاب الله) وتصحيح عبوديتنا لله وحده (مع التخلى عن جميع الوسطاء بيننا وبين ربنا سواء للدعاء أو للشفاعة) والتخلى عن أى تصور يمس بشرية الرسول (أو يعطيه بعض صلاحيات رب العالمين أو رفعه فوق منزلة البشر)، ثم استغفار الله.

ويأتى بعد ذلك الحرص عل إيتاء الزكاة وعدم تعليقها على مرور حول كامل وبلوغ النصاب الذى أبدا لن يبلغ مع تزايد أعباء الحياة ومستوى الانفاق خاصة على الرفاهيات والكماليات وقلة البركة وذلك حتى لا نكون من الذين لا يؤتون الزكاة كما تبين الآيات.

وأخيرا عدم الكفر بالآخرة بافتراض قاعدة اخرى للحساب غير تلك التى أنزلها الله فى كتابه.

{ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ {5} قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ {6} الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ  هُمْ كَافِرُونَ {7 فصلت }

وبعد فإن أدوات فهم القرآن تقتصر على قلب مؤمن وهدى الله واخراجه لعباده من الظلمات الى النور ، ولا تعتمد على تأويلات بشرية تقيد المعنى القرآنى بتصور بشرى محدود.

ويجب أن يكون المؤمن حذراً فى تعامله مع  تفاسير القرآن لأن الأمر يتعلق بتشكيل العقيدة الإسلامية التى يجب أن يحرص المسلم على تلقيها من مصدرها المحفوظ الذى لا يضاهى عصمته أى كتاب آخر إنه القرآن العظيم و هى أسلم الطرق للتعرف على العقيدة الإسلامية بنقاءها و صدقها.

و بعد أن تتشكل عقيدة المسلم من خلال كتاب الله وحده و بعد أن يتشكل لديه الفرقان الربانى الذى يميز به بين الخطأ و الصواب هنا فقط يمكنه الإطلاع على ما شاء من كتب التفاسير فقد أصبحت لديه مناعة ضد أى فتنة تسللت الى هذه الكتب.

 


  حنيفا | نورانية الرسول | نكاح الكتابيات | المنسوخ فى القرآن | أصحاب الأعراف | معراج الرسول | الشرك | الشفاعة | تفاسير | التشريع | رؤية الله | الحديث الصحيح | قيم الموقع | راسلنا | الشورى

 آخر تعديل 12/7/2005

Hit Counter